آلاف الإصابات النفسية والجسدية، جندي إسرائيلي يحاول إحراق نفسه أمام مكتب التأهيل

بينما تحاول الحكومة الإسرائيلية الترويج لصورة "الجيش الأقوى في الشرق الأوسط"، تتكشف يوماً بعد يوم فضائح داخلية تهزّ عمق المؤسسة العسكرية، وتكشف عن هشاشة الجبهة النفسية لجنود الاحتلال. 

فبعيداً عن الميدان، باتت ساحات "إعادة التأهيل" مسارح لألم صامت، يعبّر عن نفسه أحياناً بمحاولة انتحار، وأحياناً أخرى بلومٍ حادّ من الجنود لعجز الدولة عن احتوائهم بعد الحرب. 

وآخر هذه المشاهد الصادمة، ما كشفته صحيفة "هآرتس" حول محاولة اقتحام مكاتب التأهيل في حيفا من قِبل جندي معاق يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، في سابقة وصفتها الصحيفة بـ"الخطيرة".

اقتحام مكاتب التأهيل: صرخة جندي محطّم

كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الإثنين، عن حادثة خطيرة، حيث حاول جندي "إسرائيلي" سابق، يعاني من إصابة مزمنة واضطراب ما بعد الصدمة، اقتحام مكاتب قسم "إعادة التأهيل" التابعة لجيش الاحتلال في مدينة حيفا. وبحسب الصحيفة، أقدم الجندي على سكب مادة سائلة على جسده، في إشارة إلى محاولة انتحار، احتجاجاً على الإهمال المزمن الذي يعانيه. ورغم خطورة الواقعة، امتنعت الجهات الرسمية الإسرائيلية عن الكشف عن التفاصيل أو إصدار بيان توضيحي، وسط حالة من التكتم.

18 ألف إصابة في الحرب… والجيش يعترف بـ6 آلاف فقط

وفي تقرير آخر نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكدت أن جيش الاحتلال يواصل إخفاء حجم خسائره منذ بدء عدوانه على قطاع غزة، فقد أصيب نحو 18,500 جندي من الجيش وما يسمى "قوات الأمن الإسرائيلية"، إلا أن الاعتراف الرسمي لم يتجاوز 6145  إصابة فقط، مما يثير تساؤلات كبيرة حول حجم الرقابة المفروضة ومدى عمق الأزمة داخل الجيش.

ارتفاع عدد القتلى في يوليو: الاعتراف بـ18 فقط

أضاف التقرير أن الجيش الإسرائيلي اعترف بمقتل 18 جندياً فقط منذ بداية يوليو، ليرتفع إجمالي عدد القتلى المعلن منذ بدء الحرب إلى 898 جندياً. ومع ذلك، تتصاعد أصوات داخل إسرائيل تشكك في صحة هذه الأرقام، مشيرة إلى أن العدد الحقيقي ربما يكون أكبر بكثير، خاصة في ظل التكتم الإعلامي والرقابة العسكرية الصارمة.

اضطرابات نفسية في صفوف الجنود: الانهيار الصامت

بحسب الصحيفة العبرية، يعاني أكثر من 10 آلاف جندي من اضطرابات نفسية، أبرزها اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الجيش الإسرائيلي. وفي عام 2024 وحده، اعترف الجيش بإصابة 1600 جندي بهذه المتلازمة النفسية، مقارنة بأعداد كانت محدودة في الحروب السابقة. ويرى مراقبون أن هذه الأرقام تعكس عمق الصدمة التي تعيشها المؤسسة العسكرية بعد حرب غزة الممتدة، والتي تركت آثارًا نفسية مدمّرة على الجنود.

الرقابة العسكرية والتعتيم: غطاء على الانهيار

تفرض السلطات الإسرائيلية رقابة عسكرية صارمة على وسائل الإعلام، تمنع بموجبها نشر أرقام دقيقة عن الخسائر البشرية والنفسية. وقد تعرضت مؤسسات إعلامية إسرائيلية لانتقادات بسبب التواطؤ مع هذه السياسة، ما دفع نشطاء وجنود سابقين إلى توثيق معاناتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو الاحتجاج الصامت في مكاتب التأهيل، كما حدث في حيفا.

الجبهة الداخلية الإسرائيلية تنزف

ما بين محاولة انتحار في مكاتب التأهيل وتكتم على الأرقام الحقيقية للضحايا، يبدو أن "الجبهة الداخلية" في إسرائيل تنهار بصمت. فجنود الاحتلال الذين شاركوا في حرب غزة باتوا اليوم أسرى لذكرياتهم، بينما تتنصل الدولة من مسؤولياتها تجاههم، لتضيف إلى قائمة خسائرها العسكرية، خسائر إنسانية ونفسية لا تقل فداحة.