حين تتحول الكاميرا إلى هدف عسكري إسرائيلي.. جيش الاحتلال يستهدف الصحفيين في جنوب سوريا

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتوسع العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب سوريا بعد انهيار الحكومة السورية في أواخر 2024، تكشف لجنة حماية الصحفيين (CPJ) في تقرير استقصائي موسع عن سلسلة من الانتهاكات الخطيرة التي تعرض لها صحفيون محليون وأجانب أثناء تغطيتهم للأحداث في محافظة القنيطرة والمناطق المحيطة بهضبة الجولان.

ويستند التقرير، الذي أعده الصحفي الكردي سوران رشيد ونشرته اللجنة وفق ترخيص CC BY-NC-ND 4.0، إلى شهادات مباشرة ووثائق توثق حالات اعتقال واستجواب ومصادرة معدات، إضافة إلى استهداف بالرصاص الحي، في نمط يبدو ممنهجًا لتقييد حرية العمل الصحفي ومنع وصول المعلومات للجمهور المحلي والدولي.

مطاردات ميدانية واتهامات بدخول مناطق عسكرية

في يونيو 2025، طاردت مركبات عسكرية إسرائيلية الصحفي السوري نادر دبو (Syria Monitor و963media) وزميله اللبناني نور أبو حسن (صحيفة المدن) لأكثر من نصف ساعة في منطقة جبلية بمحافظة القنيطرة، أثناء توثيقهما بقايا طائرات مسيّرة إيرانية سقطت في مناطق مدنية قرب الحدود.

قال الصحفيان إنهما أخفيا الكاميرات والمعدات قبل وصول الجنود خشية مصادرتها أو حذف المواد. دبو أوضح لـCPJ أن الجنود استجوبوهما ميدانيًا، متهمين إياهما باقتحام "منطقة عسكرية" رغم عدم تجاوز أي حدود، وأضاف: "أطلقوا سراحي فقط بعد أن تعهدت بعدم العودة، وإلا فقد أُرسل إلى السجن".

توسّع عسكري إسرائيلي في مناطق حساسة

منذ أواخر 2024، وسّعت القوات الإسرائيلية انتشارها جنوب سوريا، متقدمة إلى مناطق كانت ضمن المنطقة العازلة منزوعة السلاح الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة، مبررة ذلك بـ"تهديدات أمنية" من جماعات مدعومة من إيران.

في 13 يوليو 2025، تقدمت دورية إسرائيلية مؤلفة من أربع مركبات نحو سد المنطرة – مصدر المياه الرئيسي للمنطقة – ما أثار اتهامات سورية بمحاولة الاستيلاء على المياه.

إصابات مباشرة واستهداف معدات الصحفيين

تقول تقارير CPJ إن الأشهر الأخيرة شهدت إصابة، واعتقال، واستجواب، بل وإطلاق رصاص حي على صحفيين لترويعهم أثناء عملهم في جنوب سوريا.

المصور علي النجار أصيب في ديسمبر 2024 خلال تغطيته احتجاجات بقرية سويسة ضد الوجود العسكري الإسرائيلي، حيث فتح الجنود النار مباشرة على المتظاهرين، ما أدى لإصابته وسبعة مدنيين آخرين.

في محافظة القنيطرة، تحدث صحفيون محليون عن منعهم من التغطية، وتدمير معدات بعضهم، وطرد آخرين بالقوة وسط إطلاق نار "تحذيري". حتى في مناطق مدنية بحتة، وُجهت لهم اتهامات بدخول أراضٍ عسكرية محظورة.

حوادث بارزة خلال 2025

20 مايو – كودنة: الصحفي المستقل أنور عصفور (قناة العربية) قال إنه استُهدف بإطلاق نار مباشر من مسافة قريبة رغم ارتدائه سترة صحافة، أثناء توثيق أضرار ببئرين للمياه تضررت جراء عملية عسكرية إسرائيلية سابقة.

الشهر نفسه – كودنة: الصحفيان طلال سياح وأحمد الخريوش (أحرار حوران) تعرضا لإطلاق نار أثناء تصوير مقابلات مع السكان حول محطة مياه متضررة.

صحفيون أجانب تحت التهديد

9 مايو – قرب الجولان المحتل: فريق BBC عربي بقيادة فراس كيالني اعتُقل تحت تهديد السلاح، صودرت معداته، وأُجبر على الانتقال لنقطة تفتيش بالقنيطرة. كيالني تعرض لتفتيش جسدي عارٍ، بينما استُجوب باقي الفريق وعيونهم معصوبة. تم حذف الصور والبيانات من أجهزتهم.

8 يناير – الرفيد بالقنيطرة: الصحفي الفرنسي سيلفان ماركاديير، والمحامي السوري محمد فياض، والمستقل يوسف غريبي اعتُقلوا بعنف، قُيّدوا وعُصبت أعينهم، قبل أن يُتركوا في حقل يبعد 1.5 كم عن موقع الاعتقال. ماركاديير قال إن معداتهم لم تُعاد، ورفض مزاعم إسرائيل بأنهم اقتربوا من مواقع عسكرية.

المنع بالقوة وحذف المواد

13 يناير – الحميدية: الصحفي المستقل جون ماكولي (إسبانيا) وزميله المصور ديفيد ميليرو، والصحفي السوري-الفلسطيني لؤي الباشا، تعرضوا لتهديد بالسلاح وإجبار على حذف المواد أثناء تغطيتهم قرب موقع عسكري داخل أراضٍ سورية غير متنازع عليها.

مؤشرات على سياسة منهجية

بحسب محمد الستوف، رئيس وحدة الرصد في اتحاد الصحفيين السوريين، هناك "زيادة منهجية" في الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين جنوب سوريا، ما يدل على سياسة مقصودة للتضييق على حرية الإعلام ومنع وصول المعلومات للجمهور المحلي والدولي.