الشيخ خالد حسن يكتب.. الأبناء هم أمل الأمة
السبت، 27 ديسمبر 2025 04:52 م
الشيخ خالد حسن
خالد حسن
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى.. وبعد .. لقد كرم الله سبحانه وتعالى الأبناء وجعلهم زينة الحياة وهم العضو المكمل للأسرة، وهم نعمة ينشرح بها الصدر ، وتكتملُ فرحةُ الإنسانِ بهذه النعمةِ إذا نشَّأَ أولادَهُ وبناهم على تعاليمِ الدينِ الصحيحِ، وربَّاهُم تربيةً إيمانيةً سليمةَ، فيكونُوا قرةَ عينٍ لهُ في حياتِه، وفي موازينِ حسناتِه في آخرتِه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:" إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ؛ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ؛ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ" (رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة). أمّا إذا أهملَ الأبوانِ تربيةَ أولادِهِم، وتركُوا لهم الحبلَ على الغاربِ فلم يعلمُوهُم، فإنّ الأولادَ في هذه الحالِ يكونونَ نقمةً لا نعمةً. كما أنهم قد يكونوا اختبارا للإنسان قالَ تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}. " أي: اختبارٌ وامتحانٌ منهُ لكُم، إذْ أعطاكمُوهَا ليعلمَ أتشكرونَهُ عليهَا وتطيعونَهُ فيهَا، أو تشتغلونَ بهَا عنهُ، وتعتاضُونَ بهَا منهُ؟"(تفسير ابن كثير).
ولقد بيّنَ لنَا الرسولُ ﷺ أنّ الأولادَ يولدونَ فطرةً نقيةً بيضاءَ، وللأبوين دورٌ كبيرٌ في جعلِهِم نعمةً أو نقمةً!! فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:" مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ؛ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ؛ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ؛ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟! ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}. ولكي يكون الولد صالحا بارا بوالديه، لا بد أن يكون البر من الوالدين أولا للأبناء وهذا حق الولد على أبيه، وهذا ما وضحه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حينمَا " جاءَهُ رجلٌ يشكُو إليهِ عقوقَ ابنِه، فأحضرَ عمرُ الوالدَ وابنَهُ وأنَّبَهُ على عقوقِهِ لأبيهِ، ونسيانِهِ لحقوقِهِ، فقالَ الولدُ: يا أميرَ المؤمنينَ أليسَ للولدِ حقوقٌ على أبيهِ؟ قالَ: بلَى، قالَ: فمَا هِيَ يا أميرَ المؤمنينً؟ قال عمرُ: أنْ ينتقِيَ أُمَّهُ، ويحسنَ اسمَهُ، ويعلمَهُ الكتابَ (أي القرآن).
قالَ الولدُ: يا أميرَ المؤمنينَ إنّ أبِي لم يفعلْ شيئًا مِن ذلكَ، أمّا أُمِّي فإنّها زنجيةٌ كانتْ لمجوسِي، وقد سمَّانِي جُعلًا (أي خنفساء)، ولم يعلمنِي مِن الكتابِ حرفًا واحدًا! فالتفتَ عمرُ إلى الرجلِ وقالَ لهُ: جئتَ إليَّ تشكُو عقوقَ ابِنِكَ، وقد عققتَهُ قبلَ أنْ يعقَّكَ، وأسأتَ إليهِ قبلَ أنْ يسيءَ إليكَ؟! " لذلك اهتم الإسلام بالأبناء اهتماما بليغًا بأنْ يعلمَهُ والداهُ كتابَ اللهِ عزّ وجلّ: ثم ما يلزمُ مِن العلومِ الضروريةِ الدينيةِ والدنيويةِ، فقد أخرجَ أبو داودَ عن سهلِ بنِ معاذٍ رضي اللهُ عنه أنّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا؟!"، وقد أدركَ المسلمون السابقون أهميةَ التربيةِ على القرآنِ فتسابقُوا في هذا الميدانِ وتنافسُوا، يقولُ الإمامُ الشافعيُّ رحمه اللهُ: "حفظتُ القرآنَ وأنا ابنُ سبعِ سنين، وحفظتُ الموطأَ وأنا ابنُ عشر" ويقولُ سهلُ التسترِي: "مضيتُ إلى الكتابِ فتعلمتُ القرآنَ وحفظتُهُ وأنا ابنُ ستِ سنين أو سبعِ سنين". يُعوَّدُ على أداءِ العباداتِ في سنٍّ مبكرةٍ، يقولُ ﷺ: " مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ" . (أحمد وأبو داود ). وأخرجَ البخارِيُّ ومسلمٌ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ قَالَتْ" كُنَّا نَصُومُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الْإِفْطَارِ".
وعن عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ " يَا غُلَامُ: سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ. وضربَ النبيُّ ﷺ لنَا المثلَ والقدوةَ في التربيةِ والعنايةِ ببناءِ النشءِ، فعن ابنِ عباسٍ قال كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ ﷺ يومًا فقال:" يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ : احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ"
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وبلغ بنا ..
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
التوكل على الله، مفتاح الرضا والنجاح في الدنيا والآخرة
04 مارس 2025 12:41 ص
الأكثر قراءة
-
حمدي إسماعيل يكتب.. ما هو دور المجتمع تجاه المعلم
-
الشيخ خالد حسن يكتب.. الأبناء هم أمل الأمة
-
فرحات: المساس بوحدة الصومال تهديد مباشر للأمن القومي العربي
-
النائب محمد مظلوم: اعتراف إسرائيل بإقليم الصومال يخالف قواعد الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة
-
حزب مصر القومي: قرار محافظ البحيرة بشأن ركوب السيدات بمركبات الأجرة يشوبه إخلال إداري ومساس بالقيم الدستورية
من تتوقع أن يفوز ببطولة السوبر المصري؟
-
الأهلي
-
الزمالك
أكثر الكلمات انتشاراً