رئيس جامعة الأزهر: مناقشة رسالة دكتوراه لباحثة متوفاة لمسة وفاء وضمان لحقوقها العلمية

أكّد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن قرار الجامعة بمناقشة رسالة دكتوراه لباحثة متوفاة، هو موقف إنساني وعلمي نبيل يعكس تقدير الأزهر الشريف لقيمة البحث العلمي، وحرصه على حفظ الحقوق الفكرية للباحثين حتى بعد رحيلهم.

وأوضح، في مداخلة هاتفية ببرنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء أن الباحثة الراحلة "الأستاذة هانم أبو اليزيد" كانت قد سجّلت رسالتها في قسم اللغويات بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات، وعكفت لسنوات طويلة على إعداد رسالتها في مجال النحو والصرف، وتحديدًا في مسألة "التأويل في اللغة عند أبي الفداء" أحد علماء القرن الثامن الهجري.

وأضاف رئيس الجامعة أن الباحثة بذلت جهدًا كبيرًا وسهرت الليالي وأتمت عملها البحثي على أكمل وجه، وكانت في تواصل دائم مع لجنة الإشراف التي أجازت الرسالة وقررت صلاحيتها للمناقشة، غير أن القدر سبقها وتوفيت قبل موعد المناقشة بأيام قليلة.

وأشار الدكتور سلامة داود إلى أن إدارة الدراسات العليا بالجامعة رفعت الأمر إلى مجلس الجامعة، الذي اتخذ قرارًا تاريخيًا وإنسانيًا بمناقشة الرسالة وإجازتها شرفيًا، مشددًا على أن هذا القرار جاء لحفظ حقوق الملكية الفكرية للباحثة، حتى لا يُنسب جهدها إلى غيرها، ولضمان حفظ الرسالة باسمها في مكتبة الكلية والمكتبة المركزية للجامعة.

وقال رئيس الجامعة: "نحن في الأزهر لا نفصل بين البحث العلمي والقيم الأخلاقية، وهذه اللفتة رسالة تقدير لكل باحث جاد، ولكل من أفنى عمره في سبيل العلم، ونرفض أن تضيع سنوات الجهد بسبب ظرف قهري كالموت".  
وأضاف: "هذه اللفتة أيضًا بمثابة تعزية معنوية لأهل الباحثة، لزوجها وأولادها، ليروا أن ما بذلته أمهم أو زوجتهم لم يذهب هدرًا، وأن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملاً، كما قال تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يُرى، ثم يُجزاه الجزاء الأوفى".

وأوضح أن الجامعة نظمت فعليًا مناقشة شرفية حضرها عدد من نواب رئيس الجامعة، وعمداء الكليات، والباحثين والباحثات، وتم خلال الجلسة إجازة الرسالة وتوثيقها باسم صاحبتها، لتكون متاحة للباحثين والدارسين بعد ذلك.

وتابع: "اللقب العلمي لا يُمنح إلا لمن هو على قيد الحياة، ولكن الرسالة أجيزت علميًا، وحُفظ حق صاحبتها، وأعتقد أن ما فعلته الجامعة يُعد رسالة مهمة للمجتمع وللأوساط الأكاديمية، بأن الجهد العلمي لا يضيع عند الله، ولا عند الأزهر الشريف".