9 مليارات جنيه استهلاك الفسيخ في مصر

توارث المصريون مهارة حفظ وتجفيف الأسماك وصناعة الفسيخ من أجدادهم القدماء، حيث تميزت مصر منذ آلاف السنين ببراعة فائقة في إنتاج الأسماك المملحة، حتى أصبحت تحظى بشهرة عالمية في هذا المجال.

وقد ارتبط إعداد الفسيخ منذ القدم بالاحتفال بعيد الربيع، لما يحمله من رموز دينية ومعتقدات شعبية، إذ اعتبره المصريون القدماء رمزًا للخير والخصوبة والرزق، وكان تناوله في يوم "شم النسيم" يجسد معاني البهجة والخلود.

"شمو".. فصل الحصاد ومهد الاحتفال

يعود الاحتفال بشم النسيم إلى عيد "شمو"، وهو اسم فصل الحصاد عند المصريين القدماء، الذين بدأوا هذا التقليد منذ أكثر من سبعة آلاف عام. ويُعد هذا العيد من أبرز الطقوس التي استمرت حتى اليوم، كإرث ثقافي وشعبي تناقلته الأجيال، يحمل بين طياته عادات وتقاليد ما زالت حاضرة في مظاهر احتفال المصريين بالربيع.

وتعد عادة تناول الفسيخ – أو الأسماك المملحة – من أبرز مظاهر هذا الاحتفال، حيث يحرص الكثيرون على شرائه أو إعداده منزليًا من خلال تمليحه وتخزينه مسبقًا.

الأسماك المملحة

وفي هذا السياق، أوضح عبدالله محمد علي، عضو شعبة الأسماك باتحاد الغرف التجارية، أن الإقبال على شراء الأسماك المملحة يتزايد عادة في فترات الأعياد، وبخاصة خلال عيدي الفطر وشم النسيم. وأضاف أن وتيرة الشراء هذا العام لم تختلف كثيرًا عن العام الماضي، حيث لم تعد الأسماك المملحة تقتصر على موسم معين، بل أصبحت وجبة معتادة تعرض في المحلات طوال العام.

وأشار إلى أن أسعار كيلو الفسيخ هذا العام تراوحت بين 350 و450 جنيهًا في الأسواق المحلية، وفقًا للجودة والمنطقة.

أرقام تعكس حجم الاستهلاك

ووفقًا لإنفوجراف صادر عن مؤسسة "ماعت جروب"، فقد تجاوز حجم استهلاك الفسيخ في السوق المحلي حاجز المليون طن، بقيمة إجمالية بلغت نحو 9 مليارات جنيه.

كما أظهرت نشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع واردات مصر من الأسماك، بما في ذلك المحفوظة، بنسبة 59% خلال يناير الماضي، لتصل إلى 68.038 مليون دولار، مقابل 42.794 مليون دولار خلال الشهر ذاته من عام 2024.