بيراميدز.. قصة نجاح حديثة بين إخفاقات الكبار

في مشهد كروي لافت، يقف نادي بيراميدز، الذي لم يتجاوز عمره العقد من الزمان، على أعتاب نهائي دوري أبطال إفريقيا، كاشفا عن معادلة نادرة في الكرة المصرية: متى وجدت الإدارة الواعية والاستثمار الحقيقي، تحققت المعجزة في زمن قياسي.

بيراميدز ليس نتاج تاريخ طويل أو إرث جماهيري عريض، بل ثمرة رؤية رجل أعمال آمن بأن كرة القدم ليست مجرد لعبة شعبية، بل صناعة متكاملة تقوم على التخطيط، والاستثمار الذكي، والإدارة المحترفة. خلال سنوات قليلة، استطاع أن يبني فريقا يحسب له الجميع ألف حساب، ينافس عمالقة القارة السمراء بندية وشراسة.

في المقابل، يقف نادي الاتحاد السكندري، أحد أعرق أندية مصر وأقدمها، شاهداً على ما يمكن أن تفعله العشوائية وسوء الإدارة، مهما كان حجم التاريخ والجماهير. الاتحاد، رغم تاريخه الممتد لأكثر من قرن، ورغم تعاقب رجال الأعمال والداعمين عليه، لا يزال يراوح مكانه، يصارع كل موسم للهروب من شبح الهبوط، ويخيب آمال جماهيره التي لا تزال تحلم بعودة أمجاد تاهت بين الصراعات الإدارية وسوء التخطيط.

المقارنة هنا ليست انتقاصا من قيمة الاتحاد السكندري، بل قراءة صريحة لواقع الكرة المصرية. الواقع يقول إن المال وحده لا يكفي، ولا الجماهير وحدها تصنع النجاح، بل الأمر يحتاج إلى رؤية، وإخلاص، وعمل مستمر لا يعرف المجاملات ولا يخضع لأهواء اللحظة.

رجل الأعمال الذي تبنى بيراميدز لم يراهن على الاسم ولا التاريخ، بل خلق مشروعًا متكاملًا من الصفر. بدأ بالبنية التحتية، واستقدم أفضل الكفاءات الفنية والإدارية، ودعم الفريق بأفضل اللاعبين، محليين وأجانب، دون إسراف أو عشوائية، بل ضمن رؤية واضحة لبناء فريق قادر على مقارعة الكبار.

أما في الاتحاد، فكم من المرات جاء مستثمرون كبار بأحلام كبيرة، ليتبخر كل شيء أمام أسوار صراعات الإدارة، وحروب المصالح الشخصية، وانعدام الرؤية الحقيقية لبناء كيان رياضي مستدام.

اليوم، يجد عشاق الكرة أنفسهم أمام مشهد محزن فريق حديث العهد يناطح عمالقة القارة، بينما فريق عريق بحجم الاتحاد يكافح للبقاء، وكأن الزمن يعيد تشكيل الخريطة الكروية من جديد، مكافئًا من اجتهد بصدق، ومعاقبا من اعتمد فقط على ذكريات الماضي دون عمل حقيقي.

إن قصة بيراميدز يجب أن تكون جرس إنذار لكل نادٍ عريق، بأن التاريخ وحده لا يشفع، والجماهير وحدها لا تنتصر. وحده الإخلاص في العمل والتخطيط السليم قادران على إعادة الأندية إلى مكانتها المستحقة.