من فلافيو إلى وسام أبو علي، الأجانب في الأهلي بين المجد والرحيل

على مدار أكثر من قرن، كان علاقة النادي الأهلي المصري بالمحترفين الأجانب مليئة بالتنوع والتقلبات. فقد عرفت القلعة الحمراء أسماء أجنبية خالدة صنعت أمجادًا لا تُنسى، كما مرت بتجارب باهتة رحلت دون ضجيج أو بصمة. وبين النجاح والإخفاق، ظل ملف الأجانب أحد أبرز المحطات التي عكست تطور الفريق وتطلعاته المستمرة نحو القمة.

ومع الجدل المثار مؤخرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول اقتراب المهاجم الفلسطيني وسام أبو علي من مغادرة الأهلي، عاد الحديث مجددًا حول موقع اللاعب الأجنبي داخل الفريق، ومدى قدرته على التأقلم مع بيئة لا ترحم من لا يثبت جدارته سريعًا.

ـ وسام أبو علي.. تجربة قصيرة ونهاية مبكرة مع القافلة الحمراء

رغم التوقعات الإيجابية التي صاحبت انضمام وسام أبو علي، فإن تجربته مع الأهلي تبدو في طريقها للنهاية، بعدما أبدى النادي ترحيبه ببيعه حال وصول عرض مناسب كما ذكرت بعض وسائل الإعلام. ومع أن الفترة لم تكن طويلة، إلا أن اللاعب لم يتمكن من إثبات نفسه أو كسب ثقة الجهاز الفني بشكل كافٍ.

اقتراب رحيل وسام يعيد للأذهان عشرات الأسماء التي مرّت على ملعب التتش، بعضها أضاء سماء الجزيرة، وبعضها مرّ كأن لم يكن.

ـ محطات أجنبية صنعت الفارق مع المارد الأحمر

فلافيو أمادو (أنجولا): أحد ألمع الأجانب في تاريخ الأهلي، مهاجم قناص عرف طريق الشباك، وشكّل ثنائية لا تُنسى مع مواطنه جيلبرتو، وساهم بوضوح في تتويج الفريق بدوري أبطال إفريقيا وبطولات محلية عدة.

جيلبرتو (أنجولا): ظهير أيسر عصري، تميز بدقة عرضياته وانضباطه التكتيكي، وكان أحد أعمدة الجيل الذهبي الذي سيطر على القارة الإفريقية في العقد الأول من الألفية.

أنيس بوجلبان (تونس): لاعب وسط محارب، قدم مستويات متميزة وثابتة، وشارك في جيل البطولات الإفريقية، وكان عنصرًا محوريًا في وسط الملعب.

ـ تجارب لم تكتمل.. رحيل بلا أثر عن قلعة التتش

ولم تخلُ قائمة الأجانب من خيبات الأمل، حيث ضمّت أسماء لم تُقنع، ورحلت دون أن تترك أثرًا يذكر:

جيرالدو (أنجولا): حضر بتوقعات عالية، لكنه لم يقدم المنتظر، وخرج من المشهد بهدوء بعد موسمين باهتين.

والتر بواليا (الكونجو): بدأ بشكل واعد، وسجل أهدافًا حاسمة، لكن مستواه سرعان ما تراجع، ليرحل على سبيل الإعارة ثم البيع النهائي.

لويس ميكيسوني (موزمبيق) وبرونو سافيو (البرازيل): كلاهما لم يقدّم ما يليق بقميص الأهلي، ليغادرا القائمة سريعًا دون ترك بصمة واضحة.

ـ تجارب عربية محدودة.. ووسام ليس الأول

رغم تألق العديد من النجوم العرب في الدوري المصري، فإن حضورهم في الأهلي ظل محدودًا، ومن أبرزهم:

أمير سعيود (الجزائر): موهبة لامعة في فترات متقطعة، لكنه لم يحظَ بفرص منتظمة، ما دفعه للرحيل بحثًا عن أفق أوسع.

ورحيل وسام أبو علي المحتمل يعيد التساؤل حول صعوبة اندماج اللاعبين العرب في بيئة الأهلي التنافسية، التي تفرض ضغوطًا هائلة لا يتحملها إلا القليل.

ـ من فيليكس إلى معلول.. نجوم خلدهم التاريخ

قبل سنوات من مجد فلافيو، برز أحمد فيليكس (غانا)، الذي تألق بقميص الأهلي في التسعينيات، وشكّل ثنائيًا هجوميًا بارزًا مع حسام حسن. بفضل سرعته ومهاراته، ساهم في تتويج الفريق بعدد من البطولات، وظل اسمه حاضرًا في وجدان الجماهير حتى اليوم.

وفي العصر الحديث، يسطع نجم علي معلول (تونس)، الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الأهلي، بعد سنوات من التألق المستمر، وصناعة الأهداف، والتسجيل في أهم المناسبات، إلى جانب شخصيته القيادية داخل الملعب.

كما أثبت الجنوب إفريقي بيرسي تاو قدرته على التألق، بعد تجاوز إصابات متكررة، ليصبح عنصرًا حاسمًا في تشكيلة الأهلي، ويسهم في حصد دوري أبطال إفريقيا والدوري الممتاز.

ـ هل يعود "فلافيو جديد" للجزيرة ؟

السؤال الذي لا يغيب عن ذهن جمهور الأهلي ومسؤوليه: هل ينجح الفريق مجددًا في اكتشاف محترف أجنبي يصنع الفارق الحقيقي كما فعل فلافيو وجيلبرتو؟ وهل يجد ضالته في سوق إفريقيا أو العالم العربي، في لاعب لا يكون مجرد اسم ضمن القائمة، بل نجمًا حقيقيًا يضيف للفريق ويقوده نحو البطولات؟

ـ الأجانب يرحلون.. والأهلي يبقى

كما سيغادر وسام أبو علي، رحل من قبله كثيرون، لكن الأهلي ظل دائمًا هو الثابت في معادلة المجد. القلعة الحمراء لا تنتظر طويلًا، ولا تحتفظ إلا بمن يثبت أحقيته سريعًا.

فالأهلي ليس مجرد نادٍ يبحث عن النجوم، بل مصنع لصناعتهم، ومسرح لصياغة التاريخ بأقدام من يستحق، في رحلة لا تتوقف نحو المجد والانتصارات.