الشيخ خالد حسن يكتب: الإسلام دين سماحة
الأحد، 21 سبتمبر 2025 05:12 م

الشيخ خالد حسن
الشيخ خالد حسن
يشرح الله صدورنا بالسماحة ويجعل ذلك هدفا للتعامل بيننا ، فإنَّ الدينَ الإسلاميَّ دينُ السماحةِ، فهو مبنيٌّ في تشريعاتِهِ وأحكامِهِ على اليسرِ والمسامحةِ، وقد أمرَ اللهُ تعالَى رسولَهُ ﷺ بالعفوِ والمسامحةِ في كلِّ الأمورِ والتعاملاتِ، قالَ تعالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199].
ولَمَّا نزلتْ هذهِ الآيةُ قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: “ما هذَا يا جبريلُ؟”، قالَ: إنَّ اللهَ أمرَكَ أنْ تعفوَ عمَّن ظلمَكَ، وتعطيَ مَن حرمَكَ، وتصلَ مَن قطعَكَ." إنَّ السماحةَ لبابُ الإسلامِ وزينةُ الأنامِ، وهي ذروةُ سنامِ الأخلاقِ، وأشهرُ علاماتِ الوفاقِ ..كم فُتِحَتْ بهَا قلوبٌ، وكم رَفعَتْ أصحابَهَا عندَ علامِ الغيوبِ، فمَا أحبَّ صاحبهَا عندَ الناسِ، بل وأعظمَ منهُ عندَ ربِّ الناسِ!! وهذا ما حثنا عليه نبينا الكريم في سننه الشريفة ،، فعن ابنِ عباسٍ- رضي اللّهُ عنهُ- قالَ: قالَ رسولُ اللّهِ ﷺ: «اسمحْ يُسمحْ لك») فالسماحةُ هي طيبٌ في النفسِ عن كرمٍ وسخاءٍ، وهي لينٌ في الجانبِ عن سهولةٍ ويسرٍ، وهي بشاشةٌ في الوجهِ عن طلاقةٍ وبشرٍ، هي ذلةٌ على المؤمنينَ دونَ ضعفٍ ومهانةٍ، وهي صدقٌ في التعاملِ دونَ غبنٍ وخيانةٍ.
وإذا كانَ الإسلامُ يحثُّ أفرادَهُ على السماحةِ والرفقِ واللينِ، فقد نهاهُم عن الشدةِ والغلظةِ، لذلكَ نفَى اللهُ عن رسولِهِ الفظاظةَ وغلظةَ القلبِ، فقالَ تعالَى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159]. ونسوق لكم صورًا عن السماحة والتعامل بها :
السماحةُ مع الجيرانِ: فقد حثَّنَا الدينُ الإسلاميُّ الحنيفُ إلى السماحةِ مع الجيرانِ، بل عدَّ الإسلامُ الإحسانَ إلى الجارِ والتسامحَ معهُ وعدمَ إيذائِهِ شعبةً مِن شعبِ الإيمانِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ” مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ”
السماحةُ في البيعِ والشراءِ : فعَن جابرٍ أنَّ رسولَ اللهِ - ﷺ - قالَ: "رحِمَ اللهُ رجلاً سمحًا إذا باعَ وإذَا اشتَرى وإذا اقتَضَى".( البخاري). يقولُ الإمامُ ابنُ حجرٍ:" فيهِ الحضُّ على السماحةِ في المعاملةِ، واستعمالُ معالِي الأخلاقِ، وتركُ المشاحةِ، والحضُّ على تركِ التضييقِ على الناسِ في المطالبةِ وأخذِ العفوِ منهُم."
السماحةُ مع غيرِ المسلمينَ في السلمِ والحربِ: ففِي الحربِ التي تأكلُ الأخضرَ واليابسَ، وتُزهَقُ فيهَا الأرواحُ، وتُدمَّرُ المدنُ والقرَى، ويموتُ الصغيرُ والكبيرُ، أمرَ الإسلامُ بالسماحةِ والعدلِ وحرَّمَ الظلمَ، فقد روى مسلمٌ في صحيحِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا".
فلا يجوزُ أنْ يُقصَدَ بالقتالِ مَن ليسُوا بأهلٍ لهُ، كالنِّساءِ والأطفالِ والشُّيوخِ، والزَّمنِى والعُمِي والعَجَزةِ، والذينَ لا يُباشرونَهُ عادةً كالرُّهبانِ والفلاَّحينِ، إلاَّ إذَا اشتركَ هؤلاءِ في القِتالِ وبدؤوُا هُم بالاعتداءِ، فعندهَا يجوزُ قتالُهُم. هذه السماحةُ في حالِ الحربِ فمَا بالُكَ في حالِ السلمِ؟!!
فعلينا جميعا أن نكون دعاة سلام وسماحة لا دعاة قسوة وغلظة ؛ لما في السماحة من خير يأتي على صاحبها أو من يتحلى بها ، السماحةُ تُحرّمُ صاحبهَا على النارِ: وفي ذلكَ يقولُ ﷺ:" ألَا أُخبِرُكم على مَن تحرُمُ النَّارُ غدًا؟! على كلِّ هيِّنٍ ليِّنٍ سهلٍ قريبٍ". (ابن حبان والطبراني). وهكذَا يفوزُ المسامحُ بخيرَيِ الدنيا والآخرةِ، والفرصةُ أمامَكُم فهل أنتُم فاعلون؟!
اللهم بلغ بنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا..
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
التوكل على الله، مفتاح الرضا والنجاح في الدنيا والآخرة
04 مارس 2025 12:41 ص
الأكثر قراءة
هل تتوقع فوز محمد صلاح بالكرة الذهبية بحفل الغد؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً